الصحة النفسية في مجتمعاتنا ومدى إرتباطها بالصحة الجسدية شيء مهم جداً ولكنه منسي ومهمل عند الكثير ، لذلك نقدم لكم مقال رأي.
الصحة النفسية في مجتمعاتنا ومدى إرتباطها بالصحة الجسدية
بقلم زينة نشواتي
تغفّل مجتمعاتنا العربية عن أهمية الصحة النفسية ومدى ارتباطها بالصحة الجسدية.
فالكثير من الأشخاص يراها ثانوية مع أنها في حقيقة الأمر جزء لايتجزء من الصحة الجسدية .
وبسلامتها يتحقق التوازن والعطاء والإبداع للفرد وبالتالي الازدهار للمجتمع وبسقمها يتحول المجتمع إلى مرتع للأوبئة والعقد النفسية.
الصحة النفسية حالة إيجابية توجد عند الفرد تظهر في مستوى قدرته على مواجهة الضغوطات والمشكلات بكفاءة عالية وبمدى تحقيق التوافق مع الآخرين .
• ويُعد الجهل بأساليب التربية الصحيحة واتباع أساليب تربية خاطئة متوارثة عبر الأجيال من أهم أسباب اضطراب الصحة النفسية.
فالتربية في مجتمعاتنا اتخذت منهجين إما القسوة وإهمال الجوانب النفسية والتركيز على البيولوجية فقط (كالطعام والشراب) ، أو الدلال المفرط.
الحالتان وجهان لعملة واحدة فالقسوة في أغلب الأحيان تنتج فرداً فاقداً للثقة مهزوز الشخصية يتسم بالحساسية الزائدة وبميل شديد للخضوع.
فلايرى نفسه إلا من خلال مرآة الأخرين ولا يستطيع أن يبدع أو أن يعطي رأياً أو يناقش مسألة فهو دائماً خائف قلق ينتظر نظرة استحسان وشفقة من الآخر.
أو يتسم بالعصبية أو برغبة عارمة في السيطرة .
اقرأ أيضاً : تمارا تقع ضحية محتالين وتم سرقة 280 ألف كرون من حسابها
أما الدلال المفرط ومنح جميع وسائل الرفاهية المادية كالإلكترونيات قد يُنتج فرداً أنانياً غير قادر على التكيف مع المثيرات الخارجية (كالمجتمع وسوق العمل)
فهو يريد من الجميع تلبية متطلباته ، صورته الذهنية عن نفسه مغلوطة ومبالغ بها ، فالتوازن في التربية مطلوب وخير الأمور أوسطها .
• وإذا ما انتقلنا من التربية إلى التعليم نجد أغلب طلابنا يعانون من الفوبيا المدرسية أو القلق المدرسي .
وذلك بسبب استخدام أساليب الترهيب والتخويف والعنف بالإضافة إلى هذا فإن الكم الهائل من الدروس والواجبات يولد ردة فعل عكسية لدى الطالب.
فيكره المدرسة والتعلُم مهما كان ذكياً ونجيباً وهكذا نقتل براعم الإبداع في بلداننا قبل أن تزهر.
وإذا نظرنا إلى الدول المتقدمة نجد أنها تضع نفسية الطالب في المقدمة وتسعى دائما إلى تحقيق التوازن النفسي له.
ففي أمريكا مثلا ًيقوم التعليم على الفهم والتعلم بالملاحظة والتجريب بعيداً عن الحفظ الصم.
• و أيضاً عندما نقوم باستخدام بعض المفاهيم الدينية و نطوعها لتحقيق المصلحة الفردية .
كاستغلال الأهل للإبن من باب (برالوالدين) واستغلال الزوج للزوجة من باب (الطاعة) ، يحدث مالا يحمد عقباه.
فنحن نتخذ الدكتاتورية كمنهج للتعامل في العلاقات الاجتماعية فنرى رب الأسرة يشتم ويذم رئيس العمل أو رئيس الدولة.
وفي الحقيقة هو في بيته يمارس الدكتاتورية ذاتها على أفراد أسرته فأبسط العلاقات الإنسانية قائمة على مبدأ رئيس ومرؤوس.
لذلك فالديمقراطية التي نزعمها ونطمح لتحقيقها بعيدة كل البعد عنا مهما ادعيناها .
الصحة النفسية في بلدان الحروب
• ولابد من الإشارة إلى أنه في البلدان التي تَحِل عليها لعنة الحروب يعاني أفرادها من اضطرابات نفسية تتراوح بين البسيطة والمعقدة.
ونتيجة لذلك تكثر المشكلات الاجتماعية وتندر الأخلاقيات ويفقد الفرد شعوره بالأمان والاطمئنان والقدرة على التكيف.
فتنتشر أمراض القلق والاكتئاب والهستيريا واضطرابات الشدة مابعد الصدمة .
• وبعيداً عن الحروب ففي المجتمعات التي يسودها السّلم تنتكس الصحة النفسية عندما يهمل الفرد مايريده.
ويتبع نظام وآراء الجماعة السائدة في المجتمع مع أن هذه الآراء خاطئة وما ينشِدُهُ الفرد لايؤذي أحد.
ولكنها سياسة القطيع والتدجين في مجتمعاتنا.
• وفي النهاية لابد من مواجهة أي مشكلة نفسية والاعتراف بها والتوجه لأقرب طبيب أو استشاري نفسي .
فالمرض النفسي ليس عيباً أو عاراً فهو كالمرض الجسدي تماماً وبات سمة من سمات عصرنا الحالي .
• ولكي يستطيع الفرد الحفاظ على صحته النفسية لابد من فهم الذات وفهم الأخرين ومعرفة احتياجاته و إمكانياته.
إلى جانب تحديد أهدافه والسعي لتحقيقها وبذلك تتحقق السعادة والرضا عن النفس وتقدير الذات.
فينجم عن هذاالاستقرار النفسي والأمان والسلام الداخلي فيصبح الفرد قادر على العطاء.
بالإضافة إلى التحكم بعواطفه وانفعالاته ويتمتع بحياة خالية من التوتر والاضطراب .